ما من معلم يقبل بأن يكون طلابه غشاشون، وربما قد لا تصدق ذلك، ولكن الحقيقة هي أن الطلاب لو استغرقوا في الدراسة نصف الوقت الذي يقضونه في التخطيط للغش، وابتكار حيل جديدة فيه لأصبح عدد المتميزين منهم أضعاف عددهم الحالي!
لا يجب عليك أن تلوم نفسك أو تقلق فالغش ظاهرة طبيعية توجد في كل صفوف العالم، فمثلما يحوي العالم كل أنواع البشر، عليك أن تعلم أن الغشاشين هم فئة من البشر توجد في كل مكان، ولا دخل لهم بطريقتك في التدريس، ولكن بعض الأساليب قد تمنع الغش في صفك، وربما تتمكن حينها من السيطرة عليه إلى حدٍّ كبير. في هذا المقال سنوضح أفضل الأساليب لتتجنب ظاهرة الغش بين طلابك.
تذكر دائماً أن السيطرة على الغش قبل أن يبدأ، والقيام بالإجراءات الاحترازية أفضل بكثير من ضبط الطلاب وهم يغشون، ومن ثم الاضطرار إلى مواجهة الإدارة وأولياء الأمور الغاضبين، والتي قد لا تؤتي نفعاً في معظم الأحيان..
9 خطوات لتوقف الغش قبل أن يبدأ في غرفة الصف:
1- ضع القواعد الرادعة والتأديبية منذ البداية:
منذ بداية العام الدراسي قم بوضع قواعدك الخاصة فيما يتعلق بالأمانة في الصف، سواء كان ذلك ضمن موضوع الغش أو حتى التعاون مع الغشاش أو التستر عليه. يجب أن تكون القواعد رادعة بما يكفي، كأن يعطى الطالب علامة (صفر) في الاختبار، أو أن يستدعى ولي الأمر.. حاول أن تكون هذه القواعد قابلة للتطبيق ضمن المدرسة التي تعمل بها، وأن تكون منطقية بما يكفي ليصدقها الطلاب.
مجرد تذكير بسيط -قبل الاختبار أو عند بدء الاختبار- بقاعدة الغش التي اتفقت عليها مع طلابك سيجعل الطالب الذي ينوي الغش يراجع نفسه مرة أخرى قبل أن يقوم بذلك!
2- اعرف طلابك:
كما نقول دائماً معرفة المعلم لطلابه أمر محوري للسيطرة على أغلب السلوكيات السلبية بينهم، والغش ليس استثناءاً. معرفة الطلاب في هذه الحالة تتعلق بمعرفة مستواهم وقدراتهم. يمكنك أن تطلب من الطلاب في بداية العام كتابة مقال مثلاً لتحديد مستواهم، أو أن تجري لهم اختبار مفاجيء لتحديد المستوى بحيث يتضمن المهارات الأساسية لديهم في اللغة أو الحساب أو غيرهما، والتي لا تتطلب سابق استعداد أو مراجعة للمقررات. مثل هذه الاختبارات أو المقالات تقدم إليك مرجعاً بسيطاً لتتحقق من مستوى الطالب الدراسي، بحيث إذا قدم واجباً يتخطى حدود المعقول يمكنك الاشتباه به، ومن ثميمكنك التركيز عليه أثناء المراقبة في الاختبار أو عندما يقدم الواجبات المنزلية.
أحياناً -وخصوصاً في التقارير والأنشطة المنزلية- ينسى كثير من الطلاب روابط الصفحات التي نقلوا منها بحيث لا يقومون بمسحها من الطباعة، وهنا يمكنك استخدامها كدليل على الغش.
3- تعرّف على مهارات وأساليب الغش:
ابحث عبر الانترنت في أساليب الغش، و”كيف تغش في الاختبارات” وستفاجأ بكم الأفكار التي ستحصل عليها، ولا تنس أن الطلاب مبدعون جداً ولديهم أساليبهم الخاصة في الغش، وهذا التطور المستمر في الأساليب يحتاج إلى مواكبة من حينٍ لآخر. يمكنك أيضاً أن تتبادل تجارب وقصص ضبط الغش مع زملاءك من المعلمين لتأخذ أفكاراً أوسع بحيث تستطيع السيطرة على الغش والغشاشين أثناء المراقبة.
4- نوِّع أساليبك في الاختبارات:
لا تجعل لنفسك نموذجاً واحداً من الاختبارات، فذلك أدعى لجعل الطلاب يغشون ببساطة وبمهارة فائقة، فأنت بالنسبة إليهم سهل التوقع. إذا كنت تريد قياس مهارة معينة بدلا ً من قياس مقدار المعلومات التي حفظوها أو استوعبوها من المقرر يمكنك اللجوء إلى أسلوب الـ(Open Book Test) حيث يمكنهم فتح الكتب والمراجع كما يشاؤون، ولكنهم لن يجدوا الإجابة، فليس المطلوب حفظ المعادلة مثلاً، ولكن معرفة ما إذا كان بإمكانهم تطبيقها في حالات أخرى، أو التوسع في التعامل معها. هذا النوع من الاختبارات ممتاز جداً، وهو مثالي لتمييز الطالب المميز من الطالب الغشاش أو حتى الطالب الحفِّيظ.
5- تغطية أوراق الإجابة:
افرض على طلابك تغطية أوراق الإجابة أثناء الاختبار، فبذلك يمكن حماية الطلاب المهذبين من أن يقعوا فريسة الغشاشين، وتصعب مهمة الغش على من ينوي القيام بذلك. يمكنك توزيع أوراق لتغطية الإجابات بمجرد بدء الاختبار، وعليك أن تحذر من استخدام الطلاب لأوراق من عندهم، فقد يستخدمونها كوسيلة للغش أيضاً!
6- أضف لمساتك الخاصة على الاختبار:
أغلب من يفكر بالغش من الطلاب إما أن يغش من زميله، أو أن يجلب نسخته الخاصة من المعادلات أو كلمات الإملاء أو أي شيء قد يفيده في الاختبار، منقولاً من المقرر. مع هذا النوع الثاني تحديداً فإن أفضل الحلول -إلى جانب الاختبارات غير التقليدية- هو أن تضيف لمسات خاصة على الاختبار مما قمت بتعليمهم إياه، ويفضل أن تكون من خارج المقرر، كأسئلة تتعلق برحلة قمتم بها أثناء العام الدراسي، أو مسرحية مثلها الطلاب، أو حتى نشاط لا صفي طلبته منهم.. المهم أن لا تجعل كل الأسئلة من داخل الكتاب. ويفضل لتكون منصفاً أن تخبر الطلاب منذ بدء العام الدراسي بذلك، حتى يضطروا إلى التركيز مع كل ما تقوله، وكل ما يحدث خلال العام، وليس على الكتاب المدرسي فقط.
7- احذر أسئلة الاختيار من متعدد:
نعم هي الأسهل في التصحيح، ولكنها في ذات الوقت الأسهل للغش! أنت بهذا النوع من الأسئلة تفيد الغشاش أكثر من الطالب الذي ذاكر واجتهد، وبذلك يصبح هذا الأخير مظلوماً وربما يتجه هو أيضاً للغش، فالغشاش والمذاكر يحصلون على نفس النتيجة دائماً في أسئلة الاختيار من متعدد..
8- اصنع أكثر من نسخة من الاختبار:
وهذه هي الطريقة الأفضل في السيطرة على الغش في الاختبارات.. ببساطة اصنع نسختين من الاختبارات، واحرص على أن يحصل كل طالب على نسخة مخالفة لنسخة الذي بجواره وأمامه وخلفه (لا تنس أن هنالك من يغش من الأمام والخلف، إما بقراءة الأسئلة بصوت خافت لزميله، أو باستراق النظر فقط).
فكرة أخرى أفضل وأكثر عدلاً يقوم بها بعض المعلمين وهي بوضع نفس الأسئلة مع تغيير الترتيب فقط بين النسخ، وبالتالي يصعب على الغشاش سرقة الإجابات من زميله. يمكنك أيضاً إخبار طلابك بأن النسخ مختلفة، في حين أنها متشابهة، وبذلك تستطيع منع الغش دون عمل نسخ إضافية، ولكن تكرار هذه الخدعة كثيراً يجعل تلاميذك متنبهين وتصبح مكشوفة لهم.
9- نفّذ قواعد منع الغش المعروفة في الاختبارات:
يستخدم الطلاب الجوالات ومشغلات الMP3 وأوراق قناني المياه البلاستيكية، والأقلام التي يمكن حشوها، والممحاة، والمسطرة، والمقلمة، وأيديهم وحتى ملابسهم للغش. لتسيطر أو لتقلل من احتمالية الغش بينهم، حاول تنفيذ القواعد العامة المعروفة، وبالاتفاق مع إدارة المدرسة وزملاك من المعلمين، وحتى مع طلابك. امنع استخدام أجهزة الهاتف الجوال داخل غرفة الصف، وكذلك أجهزة الـMp3، وغيرها. امنع إدخال قناني المياه إلى غرفة الاختبار، ويمكن للمدرسة توزيع الماء بدلاً من جلب الطلاب القناني بأنفسهم، وكذلك الحال مع أوراق الإجابة والأقلام. تبديل الأماكن ضروري جداً في الاختبارات، وبين كل اختبار وآخر، فكثير من الطلاب يكتب الإجابات على الطاولة، أو في ظهر الطاولة من أسفل.
في النهاية.. نعلم أن من المحزن أن تجد من بين طلابك من يغش، ولكن من المحزن أكثر ألا تجده!! فطالب كهذا إذا شعر أن الغش يقود إلى التفوق والنجاح السهل، لن يردعه شيء عن مواصلة الغش أسلوباً لحياته، وذلك في غاية الخطورة، إذا ما عممناه على نطاق خارج المدرسة.
من ناحية أخرى، فإن نفسية الطالب المثالي، أو الذي لا يغش تتأثر كثيراً إذا حصل على نفس نتيجة الطالب الغشاش وربما أقل في كثير من الأحيان، وبذلك سيقل إيمانه بقيمة العمل المؤدي للنجاح، وربما يدفعه إلى الرضا بالفشل، أو إلى الغش!