إن التعاون بين الأسرة والمدرسة بات أمراً ضروريّا من أجل النّجاح والنّهوض بالعملية التربوية والتعليمية، لأنّ حياة التلميذ الدراسية لا تنفصل عن حياته اليوميّة في البيت، وتعدّ المدرسة شريكا أساسيّا في عمليّة التّنشئة الاجتماعيّة للطّفل بل وتعتبر الفاعل المؤثّر الأكثر أهميّة في حياته. ولذا تعتبر مجالس الآباء والأمّهات واللّقاءات الأسبوعيّة القنوات أو الصّيغ التّربوية الأبرز لتحقيق هذا التّواصل والتّرابط بين البيت والمدرسة؛ فهي تهدف إلى إيجاد قناة رئيسة للتّواصل بين البيت والمدرسة، بما يحقّق التّكامل التّربوي التّعليميّ.
في هذا المقال المنقول -بتصرف- عن شبكة veecos المعرفية، سنتناول أهمية التواصل مع أولياء الأمور، ونشرح بعض أسباب تغيب أولياء الأمور من وجهة نظرهم والتي قد لا تتبادر إلى ذهنك كمعلم، وربما تساعدك أكثر في تفهم السبل الأنسب للتعامل مع أولياء أمور طلابك..
مشكلة غياب التواصل من جانب أولياء أمور الطلاب:
إنّ زيارة الأولياء المستمرّة للمدرسة تكشف عن جوانب هامّة من شخصيّة التّلميذ، كالجانب الصّحّيّ، النّفسي، الانفعاليّ؛ ففي كثير من الأحيان لا يتمكّن المعلّم من اكتشافها في حجرة الدّرس؛ وإنّما من خلال مثل هذه اللّقاءات.
والشّيء المؤسف هنا أنّ كثيرا من أولياء الأمور لا يدركون أهميّة مثل هذه اللّقاءات في ترسيخ مبدأ الشّراكة المعرفيّة والاجتماعيّة بينها وبين أسر التّلاميذ. وقد أثبتت الكثير من الدّراسات في هذا المجال أنّ قوّة الصّلة بين البيت والمدرسة تقضي على مشكلات كثيرة في المدرسة، كالانضباط والغياب، بل وتخفّف كثيرا من المشكلات السّلوكيّة والتّحصيلية للتّلميذ.
السّؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو سبب عزوف بعض أولياء الأمور عن زيارة المدرسة؟ سؤالٌ سأحاول تلخيص الإجابة عنه في بعض النّقاط:
1- بعض الأولياء يعتقد أنّه لا أهميّة لزيارة المدرسة مادامت نتائج ابنه إيجابيّة، سلوكيّة كانت أم تحصيلية .
2- بعض الأولياء ينتظر من إدارة المدرسة أن تدعوه لزيارتها، فهو يعمل بمبدأ: لو أنّ المدرسة احتاجتني لدعتني.
3- انشغال وليّ الأمر بأعماله الخاصّة، فلا يكون له متّسعٌ من الوقت لهذه الزّيارة، لانشغاله بإدارة أعماله، وربّما يغفل عن متابعة دراسة ابنه في البيت أو المدرسة.
4- قد يحسّ بعض الأولياء أنّه لو زار المدرسة فلن يجد ما يقوله للإدارة أو المعلّم، بسبب عدم قدرته على الحديث والمناقشة، خاصّة إذا تعلّق الأمر باللّغات الأجنبيّة.
5- قد لا يحسن بعض مدراء المدارس أو المعلّمين الحديث مع وليّ التّلميذ أثناء زيارته للمدرسة، فيكثرون من لومه على تقصير ابنه والتّحدّث عن مخالفاته، مما يشعر الأب أنّه مقصّر، ويرى أنّ هذا النّقد موجّه له (هو المنتقد لا الابن).
وأسباب أخرى قد تُستشَفّ من خلال التّحاور مع الأولياء، دون أن يفصحوا عنها مباشرة.
أهمية لقاءات المدرسة مع أولياء الأمور:
لو يدرك الأولياء أهميّة مثل هذه اللّقاءات وفائدتها فسيسعون -لا محالة- إلى إيجاد حلول لكل هذه المعوّقات لصالح أبنائهم، فمثل هذه اللّقاءات:
1- تجعل الابن يشعر بالفخر والاعتزاز عندما يرى وليّه يزور المدرسة، وهي زيارةٌ تبرهن له عن مدى اهتمام وليّه به.
2- توطِّد العلاقة بين المدرسة والبيت.
3- تمكّن الوليّ من الاطلاع عن كثب على مستوى ابنه السّلوكيّ أو الدّراسيّ (التّحصيليّ)، فيتعرّف على مواطن القوّة لديه، فيتمّ تعزيزها وتدعيمها، وتشجيعه على الاستمراريّة، ويتعرّف على مواطن الضّعف من أجل معالجتها.
4- تستفيد المدرسة من رأي بعض أولياء الأمور وخبراتهم في معالجة بعض الإشكالات.
5- المعلّم الذي يشعر بأنّ وليّ أحد التلاميذ مهتمٌ بمتابعة مسار ابنه الدّراسيّ سيدفعه ذلك إلى الاهتمام وبذل مجهود أكبر مهما كان مستوى ذلك التّلميذ، لأنّه يدرك أنّه سيجد مساندة من طرف أوليائه.
وختاما، فلا شك أنّ زيارة الوليّ لمدرسة ابنه مهمّة جدّا لتقوية صلة البيت بالمدرسة، وما ينتج عنها من إيجابيات تعود بالفائدة على التّلميذ، ولما تحقّقه من أهداف نبيلة وسامية.
وبعد أن عرفنا أسباب عزوف الأولياء عن زيارة المدرسة، ووعينا بأهمّيّتها البالغة في نفس الوقت، يجب أن نفكر -بصفتنا طاقما تربويّا في الأساليب والطّرق المثلى لجذب أولياء الأمور إلى المدرسة، لتوطيد الصّلة بين الطّرفين.
[…] ذكرنا من قبل فإن التواصل مع أولياء الأمور أمر ضروري جداً لإنجاح العملية التعليمية، خصوصاً إذا […]