أنت قدوة في أخلاقك!

 

أخي المعلم: أنت قدوة..
ليكن إصلاحك لنفسك أيها المربي والمعلم قبل كل شيء ، فالحسن عند الأولاد ما فعلت ، والقبيح عند الطلاب ما تركت ، وإن حسن سلوك المربي والمعلم أفضل تربية لهم.. أما سمعت بقول الشاعر:
يا أيها الرجل المعلم غيره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم 
تصف الدواء لذي السقام والضنى *** كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فاذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويقتدى *** بالقول منك وينفع التعلم 
لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم
غير تقي يأمر الناس بالتقى *** طبيب يداوي الناس وهو سقيم 

وأيضاً :
مواعظ الواعظ لن تقبلا *** حتى يعيها قلبه أولا
ياقوم من أظلم من واعظ *** خلف ما قد قاله في الملا 
أظهر بين الناس إحسانه *** وخالف الرحمن لما خلا

فالطالب في هذه المرحلة يكون كالخام، متفاعلاً مع من حوله من الأشخاص ، وتجد طباعهم تكتسيه ، ويزداد ذلك التأثر لو كان مصدره من يعتقد فيه الطالب المثالية والأسوة الحسنة وهو بطبيعة الحال معلمه ، ولهذا ينبغي للمعلم والداعية الصادق أن يُرِيَه من الخصال الطيبة والصفات الحسنة ما تجعله يتحلى بها ، وعلى أقل تقدير يجلّ أهلها ، ويرفع من شأنهم .
أن يعمل بما يأمر به الطلاب من الآداب والأخلاق وغيرها من العلوم ، وليحذر مخالفة قوله لفعله ، وليسمع قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ) .
وهذا إنكار على من قال قولاً ولم يعمل به .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إني أعوذ بـك من علم لا ينفع ) ، أي لا أعمل به ، ولا أبلغه غيري ، ولا يُهذب من أخلاقي .
وهنا أمور يسيرة جدا يمكن تظهر من خلالها الأسوة وأولها:

غرس الألفاظ والعبارات الاعتيادية في ذهن الطالب :
حيث يعوّد المعلم الطالب دائماً على البسملة قبل البدء مع ذكر خطبة الحاجة ثم إظهار الحوقلة عند الحزن والهم ، وبيان الشكر اللفظي والفعلي عند الفرح والسرور ، والتسبيح عند الاستغراب ، والتكبير عند الإعجاب ، وغيرها من الأشياء التي لابد أن تتكرر أمام الطالب فتؤدي إلى تعويد الطالب على تلك الألفاظ . وتدفعه لتعلم معناها ويرى الطالب في خطاب معلمه الألفاظ القرآنية والعبارات النبوية .
فإلقاء ورد السلام من أعظم ما يتعلمه الطالب .. ( أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ .. ) رواه مسلم
وهذا الحديث َفِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلام وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ ; مَنْ عَرَفْت , وَمَنْ لَمْ تَعْرِف فلا يسلم على طالب يعرفه وآخر لا يسلم عليه ، وَالسَّلامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّأَلُّف , وَمِفْتَاح اِسْتِجْلاب الْمَوَدَّة . وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكَّنُ أُلْفَة الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ , وتعود الطلاب على َإِظْهَار شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ عِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل , مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس , وَلُزُوم التَّوَاضُع فيلقن الطلاب التواضع لا كالذي يدخل الفصل ولا يسلم ولا يرد السلام ويعامل الطلاب وكأنهم بهائم وهنا أيضاً َإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ .
وَفِيهَا لَطِيفَة أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ رَفْع التَّقَاطُع وَالتَّهَاجُر وَالشَّحْنَاء وَفَسَاد ذَات الْبَيْن الَّتِي هِيَ الْحَالِقَة , وَأَنَّ سَلامه لِلَّهِ لا يَتْبَع فِيهِ هَوَاهُ , وَلا يَخُصّ أَصْحَابه وَأَحْبَابه بِهِ ” مستفاد من كلام النووي “

هكذا يجب أن يكون المدرس يًعلم طلابه التواضع وكما قيل : تواضع تكن كالنجم لاح لناظر..
الْمُتَوَاضِعُ مِنْ طُلاَبِ الْعِلْمِ والعلماء هم أَكْثَرُهُمْ عِلْمًا ، كَمَا أَنَّ الْمَكَانَ الْمُنْخَفِضَ أَكْثَرُ الْبِقَاعِ مَاءً . وقال عليه الصلاة والسلام ( ومن تواضع لله رفعه الله ) النووي على مسلم 16/141
ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم : أنه كان يقضي للناس حوائجهم حتى كانت الجارية لتأخذ بيده عليه الصلاة والسلام فتطوف به في المدينة وكان عليه الصلاة والسلام يسلم على الصبيان .
ووصف الله المؤمنين أنهم ( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) المائدة/54
أيها المعلم الداعية ليكن المعلم الأول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدوتك ولا تنظر إلى طلابك نظرة استعلاء مهما كان الأمر..

وأخيراً… لا تنس أنه ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من “حسن الخلق”!

أخلاق المعلمأخلاق المهنةاحترام الطالباحترام المعلمالاحترام المتبادل
Comments (0)
Add Comment