لايكاد يخلوا عالم الأطفال, من طفل ذو نزعة عدوانية, فتجده في المدرسة مثلا, كثير المشاكل مع زملائه, متمردا على أوامر معلمه, التعامل معه صعب, والتفاهم معه متعب, وسلوكاته السلبية لا تحتمل, والتي غالبا ما تكون ذات طابع عنيف, إما عنفا لفظيا, أو عنفا جسديا, أو شكلا من أشكال ردات الفعل العنيفة, التي تصدر من الطفل العدواني والتي لاتقبل عادة.
لماذا العنف؟
سؤال يطرح نفسه كثيرا, فكيف لأطفال المفروض أن البراءة هي فطرتهم, يلعبون, يمرحون, قد يبكون, قد يختلفون لابأس, قد يحبون الدفاع عن أنفسهم أحيانا, لكن أن يتعاملوا بعدوانية مقصودة, اتجاه أي موقف يواجههم, ومع أي كان, حتى ابائهم وأمهاتهم, ومعلميهم, متعمدين الإيذاء, وهذا هو المقصود بالنزعة العدوانية, فهنا تمت فعلا مشكلة حقيقيه وراء هذه النزعة, يجب الإحاطة علما بأسبابها, لمحاولة علاجها, فما من مشكلة إلا ولها سبب, وبالتالي إذا عرف السبب بطل العجب, وسهل بإذن الله إيجاد الحل المرتقب.
أسباب العنف لدى الأطفال:
نقص الثقة بالذات: فالأطفال يلجؤون للعنف من باب تحقيق الذات, وتعزيز ثقتهم بأنفسهم, على أساس أنهم أقوياء, وأفضل من غيرهم, ولكن الواقع الخفي غير ذالك تماما, فعدوانيتهم ماهي إلا شعور بالنقص نتيجة لسبب ما, واستصغار للنفس نتيجة لعيب ما, وهذا الإحساس بالنقص, يسبب إحباطا قويا لدى الطفل, خصوصا عند الفشل في القيام بإنجاز ما, وبالأخص عندما نلومه بشدة عن هذا الفشل, دونما أن نشجعه ونثني على محاولته لإنجازه لهذا العمل, فالمشاركة في أي إنجاز تعتبر نجاحا بحد ذاته, حتى إن لم ننجح في تحقيق أهدافه, فاللوم السلبي للأطفال على إخفاقاتهم, يعتبرونه فشلا ونقصا في ذواتهم, فيلجؤون للعنف, كوسيلة تعبيرية أفضل بالنسبة لهم.
الإحساس بالرفض: عندما يحس الطفل بأنه مرفوض ممن حوله, نتيجة نقص في الاهتمام به معنويا أكثر من الاهتمام المادي, ونخص بالذكر هنا بالطبع الأسرة من جهة والمدرسة منجهة أخرى, كرفض سماع حديثه, محاورته, مناقشته, السؤال عن مشاكله الصغيرة, ومحاولة مساعدته على إيجاد الحلول لها, محاولة مساعدته على استخراج الطاقة الكامنة بداخله جسديا ونفسيا, كل تلك السلبيات يترجمها الطفل أنها رفض من الاخرين له, فينقلب شعوره ذاك لا إراديا إلى سلوك عدواني على الاخر.
الخوف وفقدان الأمن: لربما اعتدنا على سماع القاعدة التي تقول: (أن العنف يولد العنف) وهو كذالك, فعندما ينشأ الطفل في جو أسري معظمه نكد وردات فعل عنيفة, وثورات غاضبة ينقلب فيها عاليها سافلها, إن كان من الأب أو الأم, وبالتالي الفقدان التام للأمن الأسري الذي من المفروض أن يستشعره الطفل في ريعان طفولته, وبداية نموه الوجداني, هذا الأخير الذي يتوقف عن النمو الطبيعي كما ينبغي له أن ينمو, فيتحول إلى خوف ورعب أسري, فمن الطبيعي أن يتولد لدى الطفل بدوره عنفا وردات فعل عدوانية, تشبه تلك التي ينشأ عليها, أو يتعرض لها هو نفسه, من قبل أهله ومن حوله.
ضعف التواصل: وهذا ما تمت الإشارة إليه فيما يتعلق بالإحساس بالرفض, والذي ينتج بالأساس عن ضعف التواصل مع الطفل, ومشاركته أطراف الحديث, وإتاحة الفرصة له لمشاركتنا نحن الكبار عمرا, بعض الأعمال التي لابأس من مشاركتهم لنا فيها مادامت لا تشكل خطرا على أمنهم, كالمساعدة غلى تجهيز طاولة الطعام في البيت, ترتيب الغرف….إلخ, وكذالك في المدرسة, من خلال مشاركة الألعاب المدرسية, والنشاطات التعليمية داخل الفصل, كل ذالك مما يعزز التواصل مع الطفل, فيولد له شعورا إيجابيا بنفسه يعبر من خلاله عن قدراته ومهاراته, في حين أن غياب هذا التواصل أو ضعفه, يولد له شعورا سلبيا جدا عن نفسه, فيلجأ للتعبير عنه من خلال سلوكات عدوانية.
ما الحل؟
أعتقد أننا من خلال ما طرحناه من أسباب, نكون قد أجبنا بطريقة غير مباشرة عن بعض الحلول العلاجية والوقائية بالأساس من ظاهرة العنف التي قد نبتلى بها لقدر الله في أحد من أطفالنا, علما أنه تمت حالات قد تتطلب تدخل طبيب مختص في العلاج السلوكي للأطفال العنيفين, حتى تكون تمت علاجات دقيقة وجدرية.