الحياة مواقف وتجارب, ومن مواقف الاخرين نتعلم ونستفيد, وليس أجمل من اكتساب مهارة ما من خلال الاستفادة من تجارب الاخرين في اكتسابهم لتلك المهارة, فلانقلدهم ولكن نستفيد من أخطائهم التي استفادوا منها, وكذالك نستفيد من إيجابياتهم فنطورها.
وفي هذا الصدد نقترح عليكم في مقالنا لليوم خلاصة تجارب لمواقف الاخرين في فن الالقاء, وكيف تغلبوا على الخوف, ونقص الثقة في قدراتهم, فصبروا وجاهدوا هذا النقص, إلى أن اكتسبوا مهارة الإلقاء المؤثر, كما ينبغي لها أن تكنسب, ونخص بالذكر تجربتين مميزتين:
نبدأ بتجربة الأستاذ عبدالله بن أحمد الحويل, والتي تضمنت خلاصة تجاربه في فن الإلقاء, وهنا أخص بالذكر من تجربته, كيفية اكتسابه لمهارة الفصاحة والطلاقة, حيث يقول:
- مهارةُ الفصاحة
وتُـكْتسبُ بكثرة القراءة بصوتٍ مسموع في كتب البلغاء، ومصنفات الأدباء كمؤلفاتِ الجاحظ وأبي حيان التوحيدي ومقامات الحريري والعقد الفريد ومن المعاصرين عليك بكتب الطنطاوي والمنفلوطي والزيات وأحمد شاكر والطناحي والعقاد, وكانتْ طريقتي أنني أقرأ في هذه الكتب بصوتٍ مرتفعٍ ومعي دفترٌ لتقييد العبارات الرائقة، والتراكيب البديعة، والتشبيهات البليغة، والأمثال المستحسنة، ثم أكثر من ترداد ماقيدته، وأركضُ لساني بتكرار ماكتبته فاستفدتُ فائدةً عظيمة، واكتسبتُ أساليبَ فصيحة. - مهارةُ الطلاقة
وهذه لا تتأتى إلا بكثرة المزاولات، وتكرار المحاولات, وقد كانتْ لي طريقةٌ استفدتها من أحد أساتذتي الكرام وهي أن أكتبَ عشراتِ الموضوعات العشوائية في ورقةٍ وأحضر ساعةً مؤقتة تنازلياً واضبطها على ثلاث دقائق ثم اختار موضوعاً وأبدأ في الحديث عنه بشكل متواصل ودون توقف بأي كلمة أو عبارة تخطر ببالي فلا يهم صحة المعلومة المهم استمرار تدفق الكلام..وأكرر ذلك مع موضوع آخر وهكذا دواليك لمدة ربع ساعة يومياً.
أما التجربة الثانية فمهمة جدا للطلاب,فهذا طالب حكى عن تجربته في التخلف على الخوف في الإلقاء المدرسي, بعدما كان يعاني من الخجل الشديد, لم يجد بدا إلا مواجهة هذا الخوف والتغلب عليه,فكيف ذالك؟ يقول الطالب:
- في البداية لا أخفيكم أنني كنت من هؤلاء الأشخاص الذين يطغى عليهم طابع الخجل وعدم الجرأة أمام الآخرين، وفي الحقيقة كنت أعاني كثيراً وأتألم من هذا الموضوع وأشعر بنقص في شخصيتي,حتى أنني دائماً أصيب بالإرتباك والتعرق والتلعثم بسبب هذا الموضوع.
في الحقيقة بحثت كثيراً عن حلول ولكن كان الحل الأفضل هو مواجهة ما تخاف منه، وهذا يحتاج منك القوة والعزم, استمرت لدي المشكلة حتى وصلت للمرحلة الثانوية، فكانت هناك مسابقة للمدارس في إدارة التربية والتعليم، اختارني معلمي لإلقاء قصيدة في المسابقة، وسبب اختياره أنني أحد الطلاب المتميزين لديه، ولكنني صدمت بالموضوع وحاولت أن أقنعه بأنني لا أريد هذه المسابقة ولا أحب المشاركة,فقال لي كما تريد، وتركني، وبعد أيام لم يجد من يحل مكاني فجاء لي وكأنه يتوسل لي، وأنا بسبب خجلي الزائد لم أجرأ على رد طلبه، فوافقت وأعطاني النص الشعري حتى أتدرب في المنزل،
عشت هذا اليوم مصدوم، وألوم نفسي كيف وافقت؟ أنا غبي كيف سأتجرأ واقرأ قصيدة أمام لجنة وجمهور، وقصيدة فصيحة أيضاً!!
جاء اليوم الثاني فنادى الأستاذ المشاركين في المسابقة لكي نتدرب في غرفة خاصة بنا في المدرسة، وكانت المسابقة في الأسبوع القادم، فبدأنا بالتدرب وظهرت علي علامات الخوف
ولكن الأستاذ كان يشجعني بأن استمر، وعندما أنتهيت شعرت براحة عجيبة، واحساس داخلي بأن الموضوع بسيط ولا يستحق كل الخوف، ثم عاودنا الكرّة في اليوم الآخر وكأن الخوف بدأ يقل وبدأ مستواي يتحسن، حتى جاء يوم المسابقة، وألقيت أمام لجنة من المعلمين وجمهور من جميع مدارس المدينة، وكم كانت بداخلي طاقة عجيبة، مع العلم أن هناك قليل من الرهبة، ولكن كنت أقاوم وأحاول أن أخفي أي شيء يظهر مني الخوف حتى أنتهيت وأبليت بلاءً حسناً.
بعد الذي قدمته أصبح المعلم يناديني للمشاركة في الإذاعة المدرسية كمقدم لها، وشاركت بها
وكم كانت بسيطة في عيني ولا تساوي شيء امام ما فعلته، واستمريت على هذا النحو وشاركت في العديد من المسابقات، واستلمت اذاعة المدرسة وتنظيمها حتى تخرجت من الثانوية، شعور جميل !
شخصيتي تغيرت تماماً أصبحت جريء جداً في حياتي وفي تعاملاتي مع الناس، زادت ثقتي بنفسي وأصبحت أسعى لأي شيء فيه عمل جماعي كي أكون شريك، أحمد الله عز وجل على فضله علي بكسر هذا الحاجز.
لا زلت أذكر كلام الأستاذ لي عندما كنا في طريقنا للمسابقة (يا فلان، ستدعوا لي كلما تذكرت هذه المسابقة) وفعلا أنا ادعوا له فله الفضل بعد الله على تغير حياتي للأفضل، وكم كان درس ممتع أن تواجه ما تخشاه فتكسره بكل قوتك.
في الحقيقة أعتقد أنهما تجربتين تستحقان الذكر, من باب التشجيع على مواجهة موانع الالقاء, واكتساب مهارات إلقائية مهمة.
- Design
أحدث التعليقات